تونس ليست بلد منشأ ولا ملاذا آمنا لمن يتم إنقاذهم في البحر
بيان جماعي للمنظمات المدنية للبحث والإنقاذ والداعمين لها
بالنظر إلى المنحى الاستبدادي الذي تشهده حاليا الدولة التونسية، والعنف الشديد والاضطهاد الذي يتعرض له مواطنو البلاد السود والأشخاص في حالة تنقل والمعارضون السياسيين ونشطاء المجتمع المدني ؛ فإننا، المنظمات الموقعة أدناه، نصدر هذا البيان للتذكير بأن تونس ليست موطنا أصليا ولا بلدًا ثالثًا آمنًا، فلا يمكن، بالتالي، اعتبارها ملاذا لمن يتم إنقاذهم في البحر. إننا نطالب سلطات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بالسحب الفوري لاتفاقيات مراقبة المهاجرين الموقعة مع السلطات التونسية كما نعبّر عن تضامننا مع المتضررين.
اعتداءات عنصرية ضد السود وقمع للمجتمع المدني التونسي
اشتد القمع ضد المعارضين السياسيين والمجتمع المدني والأقليات في تونس خلال الأشهر الأخيرة. وقد أعربت عدة منظمات حقوقية تونسية ودولية عن مخاوفها بشأن "التعدي على استقلال القضاء واعتقال المعارضين السياسيين وكل من ينتقد السلطة الحالية، والمحاكمات العسكرية للمدنيين والقمع المستمر لحرية التعبير والتهديدات التي تطال المجتمع المدني ".
بالتوازي مع ذلك، وبتحفيز من الخطاب العنصري والتمييزي ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، الذي ألقاه الرئيس التونسي قيس سعيد في 21 فيفري، اشتدت العنصرية القائمة بالفعل ضد السود في تونس، مما أدى إلى تفاقم الوضع. بالخصوص للأشخاص أصيلي دول وسط وغرب إفريقيا. تعرض عدد كبير من المغتربين من جنوب الصحراء في صفاقس وسوسة وتونس العاصمة لأعمال عنف ووجدوا أنفسهم بلا مأوى ودون طعام، كما حُرموا من حقوقهم في الصحة والتنقل. إن المهاجرين السود ليسوا ضحايا الهجمات التي ارتكبتها جماعات مسلحة فقط، ولكنهم أيضًا ضحايا العنف المؤسساتي. على امتداد ما يقارب الشهر، اعتصم حوالي المائتين وخمسين شخصا ممن وجدوا أنفسهم بلا مأوى (منهم أطفال) أمام المنظمة الدولية للهجرة (IOM) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، مطالبين بإجلائهم الفوري لأن حياتهم في خطر. تمت مهاجمة الاعتصام بتاريخ 11 أفريل الماضي من قبل قوات الأمن التي استخدمت القوة المفرطة والغاز المسيل الدموع لتفريق المظاهرة مما تسبب في جروح خطيرة لعدد من المعتصمين. كما تم إيقاف حوالي 80 شخصا فيما أشارت تقارير إلى حالات من التعذيب وسوء المعاملة.
تأتي هذه التطورات في وقت يستمر فيه تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس: 15٪ نسبة البطالة و10٪ نسبة التضخم. كما أن البلاد تفتقر إلى السلع الأساسية في حين تم تقييد استخدام المياه بسبب الجفاف الذي تعرفه البلاد.
تونس ليست بلدا آمنا!
كانت العديد من العناصر واضحة بالفعل لدحض فكرة أن القادمين التونسيين كانوا آمنين في بلدهم، كما أنها تؤكد أن تونس ليست دولة منشأ آمنة. بالإضافة إلى ذلك، فإننا ننبّه إلى ارتفاع عدد حالات طرد المواطنين التونسيين من إيطاليا والذين لا يتمتعون بأي حماية دولية.
إثر التطورات الأخيرة، يبدو أن التأكيد على أن الوضع خطير للغاية ويدعو للقلق بالنسبة للسود وغيرهم من الأجانب أصبح أكثر إلحاحًا. وبالتالي فإن وضعية تونس كدولة ثالثة آمنة تبدو كذلك مهددة.
كل هذا يجعل المهاجرين السود والأصوات المنتقدة عرضة للخطر. هم ليسوا بأمان في تونس، مما يدفعهم لمحاولة الخروج من بلد تزداد فيه الخطورة عليهم. نتيجة لذلك، من المستحيل إنزال الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر في تونس، في حين يحاولون هم الفرار من البلاد.
وفقًا للاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ (SAR)، يُعرَف الإنقاذ على أنه "عملية تهدف إلى استعادة الأشخاص المنكوبين وتلبية احتياجاتهم الطبية الأولى أو غيرها من الاحتياجات وإيصالهم إلى مكان آمن". في اتفاقية المنظمة البحرية الدولية (MSC 167 (78، يُعرَّف مكان الأمان بأنه "مكان لم تعد فيه سلامة حياة الناجين مهددة وحيث يمكن أن تكون احتياجاتهم الإنسانية الأساسية (كالغذاء والسكن والاحتياجات الطبية). مستوفاة ".
بما أن تونس ليس لديها إطار وطني للجوء، فإن الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر، سواء كانوا تونسيين أم لا، معرضون بشكل كبير لانتهاكات حقوق الإنسان، والاحتجاز والترحيل القسري.
يشكل إنزال الغرقى والمُنقَذين في البحر في تونس انتهاكا لحقوق الإنسان والقانون البحري الدولي.
أوقفوا التواطؤ الأوروبي في حالات الوفاة على الحدود
منذ أكثر من عقد من الزمان، قام الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بتقديم الدعم السياسي وتمويل وتجهيز الدولة التونسية للسيطرة على حدودها واحتواء الهجرة إلى أوروبا. الهدف واضح: لا ينبغي لأحد عبور البحر الأبيض المتوسط مهما كان ثمن.
إنهم يقومون بذلك من خلال عدة اتفاقيات من أجل "الإدارة المشتركة للهجرة" ومراقبة الحدود وإعادة المواطنين إلى بلدانهم. بين عامي 2016 و 2020، تم منح تونس أكثر من 37 مليونًا من الصندوق الائتماني للاتحاد الأوروبي من أجل أفريقيا بهدف "إدارة تدفقات الهجرة والحدود". وملايين أخرى ستصرف. بالإضافة إلى ذلك، يقدم الاتحاد الأوروبي الدعم فيما يخص "تدريب الشرطة وتوفير المعدات لجمع والتصرف في البيانات والدعم التقني، وتجهيز وصيانة سفن الدوريات البحرية بالإضافة إلى أدوات أخرى لتتبع ومراقبة الحركة". ولا يبدو أن هناك أي تغيير قادم في السياسات الأوروبية. في نوفمبر 2022، أشارت المفوضية الأوروبية في خطة عملها الأخيرة لمنطقة وسط البحر الأبيض المتوسط إلى هدفها في "تعزيز قدرات تونس [...] لمنع المغادرة غير النظامية [و] دعم إدارة أكثر فعالية للحدود والهجرات".
إن الاتحاد الأوروبي، بهذه الطريقة، يدعم طرفا تونسيا تم التوثيق المؤكد لانتهاكاته لحقوق الإنسان ضد الأشخاص في وضعية تنقل: الحرس البحري التونسي. ازداد عدد عمليات الاعتراض والصد من قبل الحرس البحري التونسي إلى تونس بشكل كبير في السنوات الأخيرة. في الربع الأول من عام 2023 فقط، مُنع 14963 شخصًا من مغادرة تونس عن طريق البحر وتم جرهم بالعنف ضد إرادتهم لصالح الاتحاد الأوروبي. منذ ديسمبر 2022، كانت أكثر من خمسين جمعية قد استنكرت العنف الممارس من طرف الحرس البحري التونسي: "ضرب بالهراوات، طلقات نارية في الهواء أو باتجاه المحرك، هجمات بالسكاكين، مناورات خطيرة لمحاولة إغراق القوارب وطلب المال مقابل الانقاذ...". هذه الهجمات قد تسارعت في الأشهر الأخيرة، واستهدفت المهاجرين التونسيين وغير التونسيين. بالإضافة إلى ذلك، أُثبت مؤخرًا أن الحرس البحري التونسي يقوم بسرقة محركات القوارب التي تحاول مغادرة البلاد، تاركًا من هم على متنها غير قادرين على التحرك، مما تسبب في حالات وفاة.
تذكر المنظمات الموقعة أدناه أنه لا يمكن اعتبار تونس بلد منشأ آمنا للمواطنين التونسيين. زيادة على ذلك، فهي ليست مكانًا آمنًا للقادمين من إفريقيا جنوب الصحراء والتونسيين وغيرهم من الأجانب الهاربين من البلاد. إننا ندعو سلطات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى وقف تعاونها ودعمها المالي والتقني للحرس البحري التونسي ومراقبتها للهجرة في تونس وضمان العبور الآمن للجميع.
الحواشي متاحة على موقع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
© Nissim Gasteli